الأربعاء، 15 يناير 2014

حول حقوق المرأة ، كان اللقاء

خميس اخر،أمسية أخرى ولقاء فكري جديد للشباب سوق الأفكار بالمقهى المعتاد، ذلك المكان المكان المتواضع الذي يستقبل الطلبة، المعطلين، والموظفين لاحتساء شاي المساء و وتناول فطائر المسمن.
كلكل لقاء يبدأ بالسؤال عن الحال و الأحوال، وأحداث شهدها الأسبوع بعالم الواقع فجعلت من مواقع التواصل الإجتماعي منبرا للنقاش، ومن اخر ضجة فيسبوكية متناحرة المواقف حول اللقاء التلفزيوني الذي جمع بين المفكر الأمازيغي أحمد عصيد و الشيخ السلفي الفيزازي ببرنامج مباشرة معكم.
حول المرأة، موقعها في موضوع الحقوق، وبين الحق الكوني والحق الموضوع دار النقاش.
يفتتح أحد الأصدقاء الحوار قائلا:
النضال النظري مثالي، وقبل أن تطالب المرأة بحقوقها يجب أن تناضل لأجل حق الإنسان عامة وهي الإنسان، ولأن التطبيق يبين أن المكتسبات لا تنتزع مرة واحدة يجب أن يرقى النضال لأجل حقوق المرأة إلى مستوى يضمن لها هذه الحقوق دون تمييز على أنها أنثى.
فيما يرى أحدهم أن وضعية المرأة رهينة بالفكر الديني الذي يزكي تظهور وضعها.
من وجه نظري يقول آخر، سأنظر للمرأة بالعالم القروي مثلا، هي تلك الأم التي تقوم بواجبها بالبيت، و تلك المعينة للرجل خارجه، بل وتقوم بجل أعمال الرجل، من زراعة، رعي المواشي، جمع الحطب، وغير ذلك. باليونان شاهدتنا مثال النائبة التي تحضر لجلسات البرلمان وهي تحمل طفلها، لهذا أعتقد أن عمل المرأة لا ينتقص من واجبها كأم، المشكل ليس في الجنس لتقلد المناصب ، بل في الكفاءة سواء  للرجل أو المرأة.
يتم أحد الزملاء الحديث في نفس السياق قائلا: والطبقية الذكورية السائدة في تقلد هذه المناصب ليست السبب في تردي وضع المرأة على ما أعتقد، بل المرأة نفسها لو أنها سايرت الرجل في تقدمه لما كان حالها ما هي عليه، وقانون الحياة يقول، البقاء للأقوى فكرا وحضورا.
استمر الحوار بعد لحظة توقف بتدخل أحدهم مستهلا مداخلته بمقولة شهيرة ليوحنا مينا "النضال لا يأتي إلا بالوعي، وعلى المرأة أن تعي معاناتها" . شخصيا ارفض نظرية المؤامرة دائما، ولا أتفق مع مقولة "البقاء للأصلح "، لذا أقول: يجب على المرأة أن تناضل لأجل أن يكون لديها حق الاختيار، اختيار مسارها، حرية اتخاذ القرار في أمور تتعلق بها، و مهمة الدولة هي أن تحرص على ضمان الممارسة،  البقاء للكل و الكل يجب أن يحترم الكل.
أنا أرى أن الدين من كرس عادات و تقاليد المجتمع المناصرة للذكر وبالتالي فهو من أنتج ثقافة اضطهاد المرأة.
صديقي ، صحيح أنه  في مجتمعنا المغربي الذي يدين بأغلبية ساحقة الدين الإسلامي هناك نوع من الاضطهاد في حق المرأة لكن هذا ليس سببه الدين بل راجع إلى أن هذه الأغلبية الساحقة هي غير واعية في واقع الأمر ولا تفهم جوهر هذا الدين ورسالته.
نعم هناك فهم مغلوط للدين وللآية التي تقول" الرجال قوامون على النساء ...." البعض يستشهد بها دون تتمتها بقوله تعالى " بما فضل الله بعضهم عل بعض"
في لغتنا الأمازيغية نسمي المرأة ب"تمغارت" و مذكرها " أمغار" ويعني الزعيم، أو سيد القبيلة، وكما تعرفون هي من تقول بجل الأعمال خارج البيت إضافة إلى مهمتها في تسيير شؤون البيت.هذا وجه من أوجه عدم إنصافها نضيف إلى ذلك أنه في بعض القرى تحول العادات دون توريث المرأة، فهي محرومة من حق الإرث الذي يخصص للذكور من أبناء العائلة قط، وهذه العادات لازالت مستمرة إلى يومنا هذا مع الأسف.
استمر الحوار، والنقاش حوالي ساعتين اختتمت بكلمة لكل مشارك حول الموضوع جاءت على المنوال التالي.
_ يجب أن نستمع للطبيعة، لنستطيع أن نعيش.
_ إن كنا سنناضل لأجل تحرر الإنسان، يجب أن نناضل على تحرر الإسلام، ونتحرر نحن حتى نستطيع أن نناضل.
_ لو كان الرسول آمرا احد للسجود لأمر المرأة أن تسجد لزوجها، أكرر مقولة بان رشد هنا " إذا خالف النص العقل، يجب تأويل النص"
_ ما من حل غير النضال لأجل حق المرأة في الاختيار؟
_ يجب تجديد الفكر الديني.
_ الوعي هو الحل، علينا النضال لأجل الوعي.
                                                  سوق الأفكار ، مراكش 09 يناير 2014 

السبت، 23 نوفمبر 2013

المرحاض، دورة المياة، الحمام ، مكان الراحة ........



كلما ذكر تخليد يوم ما كثر عليه اللغو و اللغط ، هل الغاية منه إعادة الاعتبار أم مجرد هراء سياسي ليس أكثر، أو إملاءات حقوقية وهمية لخاناتها الفارغة ، أحد الأصدقاء كتب على حائطه للفيسبوك أنا أخل اليوم العالمي للمرحاض،تزامنا مع تخليد يوم الرجل، الموضوع الذي كان مادة دسمة للعجين الفكري لدى الشباب على الفيسبوك.
وبخلاصة الأسبوع الفيسبوكية بدأ حوارنا ككل عادة في أمسية سوق الأفكار بالمقهى المعتاد،مقاهي الشاي و المسمن قرب كلية العلوم السملالية تشكل عكاظ للطلبة كل مساء، فكانت محطتنا القارة.
يونس قاطع حميمية اللقاء  التي افتتحت بالسؤال عن الحال و الأحوال بسؤاله العجيب! لما لا نخلد اليوم العالمي للمرحاض؟ _الطواليط حاشاكم_
لما نتحدث عنه بهذا التحفظ وكل هذا الاحتشام ـ حشاكم ـ ؟ إنه ذلك المكان الذي يشكل جزءا لا استغناء عنه بكل بيت و مؤسسة، درس خبراء التعمير قياساته بدقة، طوله وعرضه، نوافذ التهوية والإنارة ، و تموضعه داخل البيت،و الدقة في دراسته تمثلت في استنادهم للأسس العلمية حول حجم الهواء ونسبة الأوكسجين و الكمية التي يستهلكها إنسان واحد في كل دقيقة،احتمال المدة القصوى التي يستغرقها إنسان بالغ في المرحاض كافية لتقدير المساحة التي يجب أن يشغلها هذا المكان.
تتمة لما قالت، أود التطرق إليه بناء على أبحاث  استندت إليها   دراستي الجامعية بحكم إني أتخصص في العلوم السياسية ، والتعمير و سياسة المدينة أحد مواد هذه الدراسة، أشير أولا إلى بعض الإشكاليات  المتمثلة في:
المراحيض العمومية: لا يوجد تصميم هيكلة لحي أو شارع ما يخصص فيه مكان لهذا المرفق الهام.لما لا يتم تحديد مساحة خاصة له؟ ومن المسئول؟ أهو مشرع قانون التعمير؟ المهندس ؟...
وبالنسبة للمراحيض القليلة المتواجدة، لما لا يتم الاعتناء بها، وتنظيفها؟
وكذلك الأمر بالنسبة للمراحيض الخاصة بالبيوت ، أكثر العائلات يتجاهلن قيمتها وأهميتها بالبيت.
  إنه موضوع مقزز للقاء اليوم مع أنه يجب أن يكون طبيعيا جدا !
بالنسبة لمشكل النظافة، هو مشكل تربيو بالأساس ولتربية الجيل الصاعد على ذلك، يجب تعويد الأطفال على تنظيف المراحيض بعد استعمالها بدل توكيل المهمة للكبار، لنتفادى نمو تلك التصرفات الانتهازية لديهم والتي يتسبب فيها تغليب المصلحة الخاصة، غياب الوعي الجماعي و تقدير الآخر، كما تعويد على حسن تدبير الماء دون الإفراط في استخدامه.
التحفظ في ذكر اسم المرحاض  وإضافة حاشاكم هو نابع من الثقافة المجتمعية و السبب هو ارتباط ذلك المكان بالرائحة الكريهة، أما مشكل النظافة فمرتبط بالبناية التي يتواجد فيها ذلك المرفق، والفرق واضح جدا بين كلية العلوم مثلا ومؤسسة تعليمية خاصة ذات مكانة كبيرة ، إنني أبحث عن المكان الذي يحترمني كإنسان لأحترمه وأقوم بتنظيفه بعد استعماله.

سأتحدث عن المرحاض انطلاقا من الجاني الصحي :
الصحة النفسية: تتمثل في الحميمية التي تنشأ بين الذات و ذلك المكان و التي تهيئها الراحة  الجسدية التي يشعر بها المرء بعد ارتياده للمرحاض.
إضافة إلى أن عدم ممارسة التغوط بشكل يومي ينعكس سلبيا على التفكير الإبداعي وله انعكاسات نفسية أخرى _ هناك دراسة دولية أكدت أن الذي لا يمارسون تلك العملية البيولوجية بشكل يومي منتظم يفرغون ذلك فكريا ، وفي كتاباته  _

  أتخيل تلك الكتابات  :( 
 
الصحة البدنية: هناك أمراض كثيرة من بينها الكوليرا، سببها تلك الأوبئة التي تشكل مرتع الميكروبات التي تنتقل إلى الجسم باستخدام غير عقلاني  للمرحاض الغير نظيف، خاصة المراحيض العصرية.
أما بالنسبة للرائحة الكريهة هناك بكتيريا بالجهاز الهضمي تحلل تلك المواد فتتخد لونا ورائحة.

أشمئز من ظاهرة التبول العلني المنتشرة بأزقتنا ، أشخاص ممدرسون ويعرفون أنه أمر محضور وفعل لا إنساني ومع ذلك يمارسونه، على الجدر و بالحدائق ....

بدوري سأشاركك الحديث بهذا الموضوع العجيب للقائنا اليوم، وسأتحدث عن المرحاض باعتباره ذلك المكان الذي يفرغ به الفرد وبكل حرية ما لا يستطيع تفريغه بشكل علني، من مخبوءات نفسية، فكرية، سياسية. فتجد الطالب الجامعي يكتب ما يحلو له من شعارات سياسية دون قيود على جدران المرحاض ويعبر عن مواقفه السياسية  الحقيقية بحرية شبه مطلقة، وعن أفكاره و معتقداته أحيانا. والسبب طبعا هو تقويض الحرية بالشارع و حرية التعبير عن الرأي علنا، فيجد بذلك المكان ملاذه.
إنه مكان عجيب ! تتزين به الفتاة بكل حرية ، و يغني فيه الشاب ويكتب الشعر ويعبر على أفكاره الغريبة بكل حرية.

لا أعتقد أن استخدامه بشكل جيد و منظم له انعكاسات نفسية، ومشكل النظافة بمجتمعنا ناتج عن ثقافة المصلحة  الذاتية التي تغلبها مجمل الأسر بالطبقة المجتمعية المتواضعة وهي طبقة رجعية بنظري تربي أطفالها على ذلك لتحافظ على استقلاليتها و تواجدها.
كنت بمدرسة يكتب الشبان على حائط مرحاض الفتيات رسائل لهن ليلا، فتجيب عنها الفتيات نهارا هههههه بالنسبة للتعابير السياسية فسببها هو الحواجز التي تطوق حرية التعبير و التفكير ولذلك يجب الشباب في جدران المرحاض مذكراتهم السرية.

المرحاض!  يعبر عن مركزية الذات في علاقتها مع العالم و الطبيعة، هو سمة من سيمات الحداثة و ما بعد الحداثة ، هو بداية الثورة، بداية الإبداع، لذلك يجب أن نهتم به اهتماما يليق به.
شخصيا أنا أستبعد بشدة إمكانية التفكير الإبداعي،هناك أماكن لذلك، غرفة ، صالون، حديقة ... المرحاض هو وسيلة للممارسة عملية بيولوجية فقط.

يجب ألا نبالغ في توصيف هذا المكان، ليس إلى درجة ربطه بالتفكير الإبداعي، قد يكون مكانا لدراسة أفكار الشباب بالجامعة مثلا، فتلك الشعارات المكتوية على الجدران تعبر عن تواجد توجهات فكرية وسياسية مختلفة.
أود أن أشكركم على اختيار الموضوع، لقد بلغنا كل هذه الحرية والأريحية في حواراتنا إلى درجة مناقشة موضوع المرحاض، هنيئا إنها بداية حقبة من التنوير والفكرية و حرية الحوار.

انطلاقا من تجربتي، اعتقد أنه بالفعل مكان له انعكاساته النفسية ، إنه مكان لتفريغ ذلك المكبوت، البدني والفكري، للشعور بالراحة.
من يعبر عن أفكاره على جدران المرحاض إنما يعبر عن عجزه عن التعبير خارجه ، إنه نقطة ضعف، تبين أن حرية التعبير لازالت مفقودة ، أو أن الشباب لا قدرة لهم عن التعبير عن أرائهم بكل حرية ، مشكل بين ضعف الشخصية و مشكل الحرية.
                                                                         سوق الأفكار الخميس 21 نونبر 2013

السبت، 6 يوليو 2013

هل نسافر للاستكشاف أم حبا في الاستمتاع؟


بعيدا عن كل التّجاذُبات الفكرية سياسيا واجتماعيا التي كان يعيشها الجمع من أجل سوق الأفكار، وامتدادا للرحلة التي شارك فيها بعد أعضاء هذا الجمع، تم الإبحار في موضوع السفر.
ثقافة السفر التي تشكل إعانة فكرية للإنسان، يتم حصرها أحيانا في شكل تغيير للروتين اليومي وابتعاد عن الحيطان الأربع المعاش داخلها، بينما يجب أن تكون جوا استكشافيا مثاليا ومنهج تفكير، يصرح برأيه أحد الحاضرين. ولكن الأمر أيضا مرتبط بمنطق العقل المحلي المرتبط بطبيعة التباهي، أو حالة الصراع مع الغير التي تجعل من فعل السفر مادة وتذهب به إلى فريق الماديات عوض أن يكون حالة صلح مع الذات وترفيه عنها. هذا المميز الذي يعيشه العقل المحلي دفع إلى عقد مقارنات بين السياحتين الداخلية والخارجية، أو تفضيل السياحة داخل اطار ثقافة الوطن المتعددة بأوجهها، أو ثقافات أخرى خارجية، هنا تم التأكيد على أن الحالة المادية والوضعية الطبقية تلعب دور البطولة في تفضيل إحداهما على الأخرى هذا بالإضافة إلى العقل المرتبط بتكون الطبقة.
هل نسافر للاستكشاف أم حبا في الاستمتاع؟ كان سؤالا دفع إلى الغوص في إمكانية الفصل بينهما، وظروف تفضيل أحدهما على الآخر، ولكن اكتشاف تداخل بين المصطلحين خرج بنتيجة أن أحدهما يكمل الآخر، فحب الاستكشاف كطبع إنساني يُدخل داخله طبيعة الاستمتاع. إذن فالاستكشاف في حد ذاته متعة تجعل الإنسان يهيم في فصول المناطق التي يزورها وفي تفاصيل عيشها.
في أي الحالات يكون السفر ضرورة وفي أيها يكون كماليا؟ انه كباب نحو بناء شخصية وفكر، فهو ضرورة مثلى في حياة الشخص، الذي يجب أن يعرف طريقة جعله كذلك، وإلا فان السفر لن يكون إلا فعلا زائدا، ومن لا يجد قدرة على فتح هذا الباب، فليس بالضرورة البعد عن المكان المعاش فيه، بل يمكنه السفر داخله أيضا واستكشافه من العديد من الجوانب الأخرى الخفية، كالتاريخ مثلا... وهنا يتم فعل الاكتساب المعرفي، ويصبح من يسافر أعلى مرتبة مكسبية ممن لا يسافر. ولكن هل السفر فقط يكون ابتغاء المعلومة؟ يصرح أحد الحاضرين أن المعلومة وفيرة بين دفتي الكتب، أما السفر فيكون بُغية البحث عن أبعاد حياة أخرى وأحاسيس بحتة بالرجوع إلى طبيعة النفس البشرية المحلية. خلص الأعضاء إلى النتائج المبتغاة من السفر، انه وسيلة لتوسع دائرة المعارف وعقد المقارنات الإنسانية ومعرفة شخصية الغير، كما أن التواصل إحدى أهم النتائج المتوخاة، كما هو تقييم الذات عبر معرفة القدرة على تجاوز المشاكل والعراقيل.
 الحنين، ربما، والرغبة في التقييم، دفعا الجمع إلى محاولة تذكر ما كان في الرحلة المعاشة قبل أيام قليلة، كان في بداياتها نوع من الانعزال الذاتي قبل أن يكون الانصهار في المجموعة ويتطور حس التواصل بسرعة كبيرة، كما تطور الحس التشاركي وصار ما للواحد للكل.
انتهت الفكرة على التشديد على ضرورة السفر، فكما كان طريقا حضاريا في مجال الاستكشاف لدى العرب والأسبان وحضارات أخرى، فهو وسيلة معرفية حاليا، يجب توثيقها والعودة إليها كمرجع، بالصورة الثابتة والكلمة التي تضفي طابع المرئية على الصورة.

                                              بقلم يونس    

الخميس، 27 يونيو 2013

سوق الافكار : اليقين . 27.06.2013

وكما جرت العادة، كل يوم خميس تجتمع ثلة من الشباب يتسوقون افكارا ويسوقون لافكارهم، دون الحاجة لاقناع احد بوجهة نظر معينة، او معارضة اخر لكونه مختلفا عنك.
وحديث اليوم عن اليقين، ماهو اليقين، وهل الوصول لليقين يحد من عملية التفكير ام العكس؟

اليقين لغويا هو علم لا شك معه، وفلسفيا هو اطمئنان النفس مع الاعتقاد بصحته، ولاتفاق معظم الحاضرين على هذا التعريف، انطلق الحوار، بين من يرى ان وجود اليقين في حياة الفرد هو اساس لا بد منه، فهناك من يبرر الامر بكونه لم يخلق من بدء الخلق لذا وجب عليه الاعتماد على مسلمات سابقة، وهناك من يرى ان عدم وجود اليقين في حياة الفرد سيتوه داخل دوامة العبثية،
ويرى اخرون ان الشك واليقين مترابطان، ولا بد من وجود الاول لنصل للاخر، الشك يؤدي الى البحت تم الى المعرفة ومنه الى اليقين.
يضيف اخر ان اليقين يحتاج العقل والمنطق لكنه يحسم بالايمان.
بينما يرى اخر ان ما اسماه بالفوضى الخلاقة افضل من الوصول لليقين، فلابد من الشك لنخوض في المعرفة.
بينما هناك من يرى ان اليقين يحد فحسب من عملية التفكير، ولا يدفع للمعرفة، ورغم وجود اسس في المعتقدات لكنها لا تصل لحد اليقين ولو اعتبرناها كذلك.
هنا يدفعنا الحديث للخوض في مفهومي الاعتقاد واليقين، فكل فرد له الحق في اعتقاد ما يشاء، وليس بالضرورة ان يكون الاعتقاد يقينا. بل ان اليقين هو اعلى درجة من الاعتقاد هو الحد الذي ليس بعده شيء.
بينما يضيف اخر بانه لاوجود اصلا لليقين المطلق، لذا يمكن في اي لحظة ان اشك في مسلمات سابقة.

هل يوجد اكثر من يقين، وهل وصلت العلوم فعلا لليقين؟  يتساءل احدهم، لنجيب عنه في الاسبوع المقبل باذن الله .

الخميس، 20 يونيو 2013

سؤال و أفكار و حوار



سوق الأفكار بات موعدا أسبوعيا  قارا لشباب مراكشيين  يهتمون بالحوار الفكري الهادف، يترددون على هذا اللقاء لإبداء أرائهم وللتعبير عن مواقفهم المختلفة.

هناك لبس ما ! سؤال؟ إشكالية معقدة؟ تكون بوابة الحوار والدخول لموضوع واسع و عريض، هذه المرة كانت البوابة امتحانات البكالوريا، وأخيرا التحقت نهيلة بالمجلس بعد أن أنهت امتحاناتها، سألها الأصدقاء عن مستوى الامتحان، وغالبا ما يكون المزاح حاضرا و يتكرر السؤال الشهير عن كل امتحان: هل نقت؟ يعني هل التجأت إلى الغش؟

هذا السؤال لا يجب أن يطرح على أمثال نهيلة، بل على ممارسي الغش، وأن يسألوا عن الدافع إلى ذلك؟ هل هو خيار نتيجة نظام تعليمي فاشل؟ أم سلوك لا أخلاقي له خلفيات و تراكمات سيكولوجية؟ والأخطر من ذلك هو تناقل الأخبار عن ظاهرة الانتحار الذي أذيع أحد مشاهدتها الحقيقية بعد أن انتحرت فتاة من عمر نهيلة تقريبا بسبب الإمتحان، ذكر هذه الظاهرة دفع أحد الأصدقاء لتفسيرها علميا حيث يؤكد أن آخر الدراسات لعلم الجينات تبين أنها هي المسئول الأول عن تصرفات الإنسان، حسب ريتشارد دوكنز.

الطرح لقي تعقيبا من رأي يقول : قد تتحكم في طبيعة الشخصية، مرنة ، صلبة....و برر ذلك باستدلاله التالي،إن كانت الجينات الطبيعية ( المخلوقة) هي المسئول يعني نحن لسنا مسئولون عن تصرفاتنا وبالتالي نحن مسيرون( كأنه يرمي بقوله: هل سنحاسب على ما ليس بأيدينا تغييره؟) و واصل قائلا: لم يثبت إيماني بالقدر بعد، مازال عندي ريب في هذا السياق، يشير إلى الطبيعة البيولوجية.

السؤال يحيلنا على أسئلة أخرى تتعلق بالإله، الوجود، سيرورة الحياة و حركة الكون.

ربما بالنسبة لمجتمع الحشرات ذلك الإنسان هو الإله؟ رغم أننا نجهل وسيلة التفاعل أو الإدراك لدى الحشرات كما نجهل اللغة؟ بالنسبة لنا أو لبعضنا  نحن البشر الله واحد، لا خالق له، في القديم كان في اعتقاد بعض الأقوام أن  لكل ظاهرة طبيعية اله يعتقدون بوجوده تبريرا  لحدوث الظاهرة: إله البرق ، المطر ....! اكتشفنا بعد ذلك كله أنها مجرد ظواهر طبيعية لها تفسير علمي .

الوجود أصله لا شيئ ، طاقة + مادة اعطت هذا الكون يعني  طاقتين:موجب+ و سالب _   تعطي هذه النتيجة ، استيفن هوكينج  يقول أن الزمن مثلا ظهر مع الإنفجار، وهل سيستمر بعد؟ في القران قول الله "  كن فيكون"

قصص القرآن غريب بعض الشيئ لكن من المحتمل سبق وأن نوقشت، قصص الأنبياء مثلا إلا أن كل حضارة أصلها الإنسان ويتم تزوير حقائقها على أن تصير خرافة أو أسطورة؟ يعني يسهل التأليف ؟

لا أصدق من يكذب القرآن فيأت بمثله! لقد كنت ملحدا وأخذت القرآن وقرأت: " ألتيني و الزيتون.....أليس الله بأجكم الحاكمين" وقلت في نفسي: ماذا يقول هذا؟ هذا لم يقل شيئا ويقول أنه أحكم الحاكمين! لكن إن قرأنا القرآن بتدبر و تأمل سنجد في أمور تعجيزية عظيمة، شرط أن نكون محايدين، لا نستخدم العاطفة بل العقل بغية المعرفة.وع ذلك لازلت لا أومن بالتداوي بالقرآن مثلا لبعض الأمراض.


فيه شفاء للصدور؟


يقول للصدور وليس مسألة التباس الجن بالإنس مثلا، و التي لا أصدقها من الأساس.


رغم كل ما أقوله هذا لا يعني أنني أنكر ذلك الخشوع الذي نشعر به عندما نقرأ القرآن ، جربت الخروج لصلاة الصبح ، إحساس رائع و طمأنينة كبيرة أشعر بها.


طبيعية لأن برمجت نفسك على أن تشعر بذلك؟  لا لا بل هي الحقيقة، أما ما قلت عنه فيرتبط بالجانب النفسي المبرمج سابقا، كالتي تقول مثلا: إن زارت الولي الصالح فلان ستعالج؟ وبالفعل يحدث ذلك، لكنه مجرد توهم فقط، جعل الخرافة أمرا حقيقيا.


لنعود إلى مسألة الجن، الإخوة الذين قالوا إن التباسه بجسد الإنسان قد يكون أمرا حقيقيا، في إقليم التبث مثلا أظهر شريط مصور أن رجلا يستطيع تغيير صوته من خلال عملية تركيز مطولة.


صوته وليس اللغة، بعض اللواتي لبسهن الجن يتحدثن لغات كن يجهلنها تماما!


ومؤخرا تم اكتشاف أن امرأة سقطت وأصيبت في دماغها بأستراليا و اكتشفت بعد الحادثة انها تتحدث الفرنسية وهي لم تدرسها قط ! إذن الظاهرة علمية وقد يكون لها تفسير علمي!


نعم وهناك تفسير يقول أن كل ما يقوله الإنسان أثناء لا وعي ما هو إلا تراكمات اللاشعور، ونعلم أن قدرة تخزين المعلومات  للوعي أقل بكثير من اللاوعي ، وقد تكون اللغة جزء منها ، أعتقد أنه إذا تم اكتشاف هذه الطاقة الهائلة ل ألاوعي قد تغيير منحى حياتنا ، مذهلة بمجرد التفكير فيها.


محدودية العقل بنظري هي السبب في هذا الإعتقاد القائل بالتباس الجن بالإنسان لإن العقل لم يتوصل بعد لتفسير علمي للظاهرة لجأ إلى هذه المسلمة و هي بمثابة مسكنات ، نعم  مجرد مسكنات فقط.


اختراع الحاسوب مثلا قيل عنه أنه لا يصلح لشيء والسبب لقلة المعطيات، مر زمن وتطور الحاسوب وأصبح وسيلة معلوماتية لا نستطيع الاستغناء عنها.


لنضع احتمالات علمية للظاهرة ، هل نستطيع أن نضع ثوبا على جسم ما فيختفي فجأة؟


هل يظهر جسم في مكان ويختفي في سرعة كبيرة جدا ليظهر بمكان آخر؟


تحيلني على خدع  كريس أنجل ومسالة تحويل الأجسام من مكان لاخر


إذا تطرقنا لمسألة الروح، علم البيولوجيا لم يتوصل لها لحد الآن ، هو مبني على التطور الذي يفنذها.


بمثل هذه المقاطع انتقل الحوار ليغوص في علم الفزياء من الكلاسيكية المبنية على قانون نيوتن إلى الكوانتوم و النسبية، التي أسقطت تلك القوانين التقليدية بالمجال الميكروسكوبي و الكهرومغناطيسي، نشير إلى مثالا هنا: لا يمكن تطبيق قانون نيوتن على إلكترون يحتل مواضع عدة في آن واحد.


إذن الظاهرة( التي يطلق عليها التباس الجن بالإنسان) لا يمكن تفسيرها بالقانون الحالي، لا بد من اكتشاف أسرار تلك الظواهر.


إذا لاحظتم أن الأدوات المنطقية الرياضية صحيحة ، متسلسلة و مترابطة، وكأن الله نكتشف الجن وظاهرة التباسه بالإنسان  بطريقة علمية ما.


حسنا رفاق ألا يذكرنا هذا بإسراء الرسول(ص) إلى المسجد الأقصى  ومعراجه إلى السماء؟


بما أنها صحيحة وانظروا حتى أكبر مصدقيه  أبو بكر صدقها بالشرط أن يكون محمد قائلها" إن كان قال فقد صدق" يعني هناك شك لولا أن محمد رجل صادق، لكن إن فسرنا الظاهرة علميا و التفسير ينطبق على ظواهر الالتباس.


هنا تختلف الأمور لا تنسى أنه في إسراء محمد (ص) وسيلة سخرها الله وهي البراق!


قبل أن نختتم الحوار أود أن أعرج على مراحل الفيزياء لو سمحتم.


كان يعتقد أن قوانين نيوتن كافية لكن مجيء الكوانتوم مع بلانك غير الكثير من الأمور، ثم معادلات  شرودنجر و هايزنبيرج ، إذن عند التوقف عند كل محطة من تاريخ هذا العلم يعتقد المرء أنه بلغ الحقيقة وأن ما اكتشف ينطبق على المادة كلها، لكن اكتشاف المجال الكهرومغناطيسي، و الميكروسكوبي والماكروسكوبي الكوني فند هذا الاعتقاد بحيث لم يعد يصح بالمرة تطبيق قانون واحد عليها، و كذلك بالنسبة لعالم الإنسان...


الحوار لم يختتم في الساعتين المحددتين بل استمر طويلا حتى أنه يصعب التطرق لكل الأفكار التي المطروحة خاصة الأفكار الغريبة التي لا نجد لها تفسيرا... ويستمر البحث ويستمر الحوار حتى يتسع سوق الأفكار.


في الختام المعادلات العلمية دائما قابلة للتغيير و التجديد وكذلك أفكارنا، قناعاتنا و مواقفنا ، قد تكتشف أمور أخرى تغييرها.