السبت، 6 يوليو 2013

هل نسافر للاستكشاف أم حبا في الاستمتاع؟


بعيدا عن كل التّجاذُبات الفكرية سياسيا واجتماعيا التي كان يعيشها الجمع من أجل سوق الأفكار، وامتدادا للرحلة التي شارك فيها بعد أعضاء هذا الجمع، تم الإبحار في موضوع السفر.
ثقافة السفر التي تشكل إعانة فكرية للإنسان، يتم حصرها أحيانا في شكل تغيير للروتين اليومي وابتعاد عن الحيطان الأربع المعاش داخلها، بينما يجب أن تكون جوا استكشافيا مثاليا ومنهج تفكير، يصرح برأيه أحد الحاضرين. ولكن الأمر أيضا مرتبط بمنطق العقل المحلي المرتبط بطبيعة التباهي، أو حالة الصراع مع الغير التي تجعل من فعل السفر مادة وتذهب به إلى فريق الماديات عوض أن يكون حالة صلح مع الذات وترفيه عنها. هذا المميز الذي يعيشه العقل المحلي دفع إلى عقد مقارنات بين السياحتين الداخلية والخارجية، أو تفضيل السياحة داخل اطار ثقافة الوطن المتعددة بأوجهها، أو ثقافات أخرى خارجية، هنا تم التأكيد على أن الحالة المادية والوضعية الطبقية تلعب دور البطولة في تفضيل إحداهما على الأخرى هذا بالإضافة إلى العقل المرتبط بتكون الطبقة.
هل نسافر للاستكشاف أم حبا في الاستمتاع؟ كان سؤالا دفع إلى الغوص في إمكانية الفصل بينهما، وظروف تفضيل أحدهما على الآخر، ولكن اكتشاف تداخل بين المصطلحين خرج بنتيجة أن أحدهما يكمل الآخر، فحب الاستكشاف كطبع إنساني يُدخل داخله طبيعة الاستمتاع. إذن فالاستكشاف في حد ذاته متعة تجعل الإنسان يهيم في فصول المناطق التي يزورها وفي تفاصيل عيشها.
في أي الحالات يكون السفر ضرورة وفي أيها يكون كماليا؟ انه كباب نحو بناء شخصية وفكر، فهو ضرورة مثلى في حياة الشخص، الذي يجب أن يعرف طريقة جعله كذلك، وإلا فان السفر لن يكون إلا فعلا زائدا، ومن لا يجد قدرة على فتح هذا الباب، فليس بالضرورة البعد عن المكان المعاش فيه، بل يمكنه السفر داخله أيضا واستكشافه من العديد من الجوانب الأخرى الخفية، كالتاريخ مثلا... وهنا يتم فعل الاكتساب المعرفي، ويصبح من يسافر أعلى مرتبة مكسبية ممن لا يسافر. ولكن هل السفر فقط يكون ابتغاء المعلومة؟ يصرح أحد الحاضرين أن المعلومة وفيرة بين دفتي الكتب، أما السفر فيكون بُغية البحث عن أبعاد حياة أخرى وأحاسيس بحتة بالرجوع إلى طبيعة النفس البشرية المحلية. خلص الأعضاء إلى النتائج المبتغاة من السفر، انه وسيلة لتوسع دائرة المعارف وعقد المقارنات الإنسانية ومعرفة شخصية الغير، كما أن التواصل إحدى أهم النتائج المتوخاة، كما هو تقييم الذات عبر معرفة القدرة على تجاوز المشاكل والعراقيل.
 الحنين، ربما، والرغبة في التقييم، دفعا الجمع إلى محاولة تذكر ما كان في الرحلة المعاشة قبل أيام قليلة، كان في بداياتها نوع من الانعزال الذاتي قبل أن يكون الانصهار في المجموعة ويتطور حس التواصل بسرعة كبيرة، كما تطور الحس التشاركي وصار ما للواحد للكل.
انتهت الفكرة على التشديد على ضرورة السفر، فكما كان طريقا حضاريا في مجال الاستكشاف لدى العرب والأسبان وحضارات أخرى، فهو وسيلة معرفية حاليا، يجب توثيقها والعودة إليها كمرجع، بالصورة الثابتة والكلمة التي تضفي طابع المرئية على الصورة.

                                              بقلم يونس