الجمعة، 26 أبريل 2013

الإزدواجية في التفكير أو انفصام الشخصية ... سوق الأفكار لقاء الخميس الأخير من شهر أبريل 2013


شهد مساء الخميس الأخير من شهر نيسان المنصرم اللقاء الأسبوعي الذي اعتداد عدد من الشباب على الالتحاق به بأحد المقاهي المتواضعة والتي باتت قبلة معروفة للنقاشات و الحوارات الفكرية لمختلف التوجهات و الايديولوجيات.
أمسية البارحة دامت اكثر من ساعتين من الزمن بمجرد افتتاح الحوار من طرف أحد الحاضرين الذي بادر بتأطير الحصة لإعطاء كل الأراء الحق في عرض أفكارها ، الموضوع كان هو: ازدواجية التفكير ..انفصام الشخصية لدى الفرد أو ما سمي من طرف أحد الأصوات بالسكزوفرينية (الظاهرية ).
الرأي الأول بالموضوع استقاه صاحبه من دراسة المفكر المشرقي مصطفى حجازي مصطفى حجازي  للمجتمع والذي أوضح أن 
الذريعة الأولى للاستعمار كانت هي تخلف تلك المجتمعات حسب ما قال المتدخل ، ثم أشار إلى عوامل تلك التخلف التي تجلت في: 
ــ  نمط التعليم التقليدي الغير مواكب لتطور الحضارات، والذي لا ينتج مثقفا فاعل بالمجتمع
ــ الاستلاب والتسلط المفروض على الفرد و المجتمع.
مما يدفع الفرد إلى الارتباط العاطفي بأمور الغيب و الآخرة، والتأثر و الإعجاب بالغرب في ان واحد كما يدفعه إلى تبني الأفكار التحررية التي يروجها الإعلام الغربي والتي تتقاطع ما ما يسود بالمجتمع من ثقافة و أفكار.
وهنا يضيف اخر أن تبني تلك الأفكار لا يكون ظاهريا لسبب ذلك التقاطع مما يدفعه إلى الانطواء أو العزلة.
رأي اخر يشير إلى أن بإمكان الفرد الاقتناح بأفكار ما وتبنيها كأساس لتفكيره لكنه يجد صعوبة بالغة في تطبيقها مما  يدفعه إلى تحريفها نوعا ما حتى تنطبق بما يسود في المجتمع لتفادي ذلك التصادم الذي ينتج عن تعارض الفكر مع التقليد.
فيما أشارت مداخلة أخرى إلى أن السبب الحقيقي لما سماه بازدواجية الشخصية المنبثقة عن ازدواجية الرأي هو غياب مثقفون فاعلون في تغيير أسلوب التربية لدة الطفل سواء من خلال التربية الأسرية، التعليم أو الإعلام.
ضعف الشخصية وتبني الأفكار عن عدم اقتناع يجهل الفرد متذبذبا بين التوجهات و قناعاته الشخصية سبب ذلك حسب رأي المتدخل هو غياب المبادئ ، و نضج فكري غير سليم.
الجانب النفسي: حالة تنتج عن تعارض الإعلام المهيمن مع واقع المجتمع بحيث يكون الإعلام هو مصدر المعلومة يخالف تماما الواقع المجتمعي. المتدخل تعمق بتركيبة الذات الإنسانية مشيرا إلى أن : ما يوظفه الإعلام من مبادئ يخالف تماما ما يروج له كأعراف و تقاليد سواء من عرف المجتمع نفسه أو مستوردة من ثقافة أخرى مما يجعل المتلقي النمطي التفكير مزدوج المواقف وهذه الحالة لا تقتصر عن الإعلام حيث أضاف المتدخل أنها قد تنتج عن قراءة كتاب يتضمن بفقراته نسقا فكريا يقن هبه القارئ في حين أن أفكاره متناقضة بالنسبة له وهنا يحصل نوع من الارتباك في التفكير و السلوك أيضا.
كما أشار إلى مثال لأجل التوضيح: إن كانا مقتنعين بنسبة 5 بالمائة من الأفكار يتضمنها كتاب ما، في حين أن  95  من المائة أفكار تتعارض وقناعاتنا ينتج عن ذلك إلى ازدواجية التفكير، وأشار في بعدها السياسي إلى تقاطع الفكر المجتمعي مع النهج الاقتصادي الاشتراكي العادل في توزيع الثروات رغم اقتناعهم بأنه هو الحل الأكثر صوابا للفساد القائم.
يتدخل أحد المشاركين بجزمه أن ضعف الايمان بالأفكار التي تبناها الفرد هي السبب الرئيسي للازدواجية التي يظهر بها ولو كان مؤمنا باقتناع بتلك الأفكار لكان المصدر الأول لسلوكه و مواقفه دون أي تحريف. ثم يضيف أنه هناك ما يسمة بالسكزوفرينية ذات المصلحة حيث يوظف الرفد سلوكا معينا يتنافى وأفكاره لأجل بلوغ مبتغاه.و هنا تناقض بدا لدى بعض المدخلين حيث أشار أحدهم أن الايمان بالأفكار عن اقتناع لا يسمح بتغييرها ظاهريا لأي ظرف وهنا يكمن وجه الشخصية القوية.
التعقيب دفع المؤطر إلى التذكير بقانون المعمول به في هذا الحوار و هو عدم المعارضة أو التعقيب أو الرفض بل احترام جميع الآراء وعرض أفكار بديلة دون ربطها ربطا مباشرا بسابقاتها، لتفادي نوع من  الشد والجدب المتعارف عليها في مثل هذه الحوارات التي تتضمن إيديولوجيات مختلفة و متعارضة.
فكرة اخرى تعرض حالة المجال الحقوقي و التعارض الحاصل بين الحقوق الكونية المتعارف عليها و الحقوق التي أتى بها الدين الاسلامي ، يشير المتدخل إلى مثال الإرث في الإسلام.
فيما أشار آخر إلى مثال الكذب على الأطفال التي يجده بعض الاباء حلا لأسئلة أطفالهم أو حلا لبعض المواقف التي تخصهم فيدفعون أطفالهم إلى الكذب لتعزيز مواقفه في الوقت الذي يحذرونهم من الكذب بطريقة ترهيبية بالتخويف من عقاب الله.
تناقض الأفكار و المبادئ ومقتضيات مجال التشغيل مثال آخر، أشار إلى علاقة رب العمل بالعامل و المنظور الخاص لكل واحد منهما، الأول يرى أن مصاريف شركته و الضرائب تدفعه لنهج سياسية معينة دون ظلم الاخرين في حين أن العامل يراها نوها من الاستغلال و خدمة المصلحة الفردية على حساب الكل، الشيء الذي يدفع رب العمل إلى تجاهل مبادئه لتفعيل سلطته و العامل إلى التخلي عنها بدعوى نيل الحق.
والاشارة هنا إلى مثال النضال أيضا: الحقوق مشتركة بين جميع أفراد المجتمع لكن المطالبة بها تكون  بشكل مناسباتي ومصنفة ضمن: حقوق الطفل بعيد الطفل، حقوق المرأة بعيد المرأة ، حقوق العامل بعيد العمال ...إلخ  وهذا السبب الرئيسي في تلك التفرقة الحاصلة بالمجتمع و الناتجة عن تناقض في التفكير في حقوق الشعب و المطالبة بها ضمن هذه التصنيفات.
هذا المثال قاد عددا من المتخلين إلى الصراع الطبقي والصراع بين الفرد و المجتمع كذلك ، أضاف أحد المتخلين مشيرا إلى دراسة بوعلي ياسين في دراسته الثالوث المحرم  الثالوث المحرم الذي اختصره هذا الاخير في المحرمات الثلاث:
الدين: يشير المتدخل إلى أن احتكار الخطاب الديني من طرف رجال الدين  لا ينتج عنه إلا الاستغلال مضيفا أخر في نفس السياق أن ذلك الحكر القائم على الحوار الديني من طرف ثلة من المتعارف عليه بالساحات الخطابية، يدفع الفرد إلى التساؤل و رفض الكثير من الأمور الزائفة و السائدة بالمجتمع ويواجه من طرف الاخرين بالرفض أيضا لتبنيه هذه الأفكار أو محاولة تغييره لما هو سائد باستخدام العقل الناضج والمنفتح، التفكير المتحرر و التدبر في عمق الأمور وأبعادها وهنا يتعرض إلى الإقصاء التام مما يدفعه إلى الإنطواء أو هروبه إلى العزلة وبالتالي يكون له صورة مختلفة  في تصور المجتمع.
السياسة: نظرة الفرد الواعي لواقع البلد المنتمي إليه و حقوق الشعب في الثروات و مداخيل الدولة و ولاء المجتمع لساستها ، النخبة التي يشكلها مجموعة من هؤلاء الأفراد الواعون تعد بنظر المجتمع بالتيار المثير للفتنة أو الدخيل فيتعرض إلى الإقصاء.
الجنس:  و ذلك التطابق القائم بين العيب والمحرم من جهة وبين الأمر الواقع و العار من جهة اخرى، مجتمع يخجل من مناقشة الجنس و الاستحياء من مفردة التربية الجنسية في حين أن الدين يوظفها بشكل سليم و الواقع يبين عكس ذلك تماما في مظاهر الفساد و الدعارة والكبت الحاصل لدى الكثيرين ممن يدعون الاحتشام حسب رأي المتدخل.
إضافة تقول إلى ان ذلك هو تعارض بين الخير والشر ، وتعارض بين الشهوة و الفضيلة، تكل الأمور الثلاث التي يحرم المجتعم مناقشتها تدفع الفرد إلى نوع من  الجدل الداخلي المتأرجح بين ما هو واقع، و ما هو مصدر قائم وتابث ، و ما جيب أن يكون.
أحد الشباب أشار في هذه السياق على الرومانتيكية الحاصلة لدى المتشبعين بمشاهد التحرر في صوره الإعلامية (العري ، الرقص تعابير الجسد ..) و ثورة الذات الراغبة في التغيير معبرة عن مطالبا عن طريق الجسد للعجز الفكري عن التغيير، وهذا ينتج عن الاستهلاك الأعمى دون إعمال العقل أو فشل الفكر في فرض مكانته مما يدفعهم لطرق أخرى.
الحلول حسب أراء المتدخلين:
ــ صعوبة تغيير المواقف بعد تشبعنا بالأفكار السائدة والثقافة المتعارف عليها تستدعي بناء عقل سليم وفكر ناضج أولا،مثال : التنبأ بأمور ستحدث بالمستقبل وبعد حدوثها بمحض الصدفة يدفع المجتمع إلى تبنيها كحقيقة واقعة و توريثها للأجيال اللاحقة على أساس أنها جزء من العقيدة يحرم تجاوزها، وهذا ما يتطلب نضجا فكريا سليما لتصحيح تلك الإعتقادات الخاطئة.
ــ إجلال الخطوط الحمراء و تحفيز العقول على التحرر الفكري و تفكيك قيود الفكر العقيم، والتشجيع على الانتاج الادبي الفكري سواء من خلال الإعلام أو التعليم أو عن طريق الشبكة العنكبوتية.
ــ  التشكيك في الأفكار إي كان مصدرها و تحري الصائبة منها قبل تبنينها إياها وفق إدراكنا العقلي.
ــ تبني المبادئ السليمة حتى لو خالفت سلوك مروجيها، وعدم إقران التنازل عنها بأخطاء فئة معينة منهم.
ــ إسقاط الأعراف و التقاليد و الاحتكام لما هو صائب لا لما هو قائم.
ــ تصحيح الأخطاء ومراجعة متواصلة لأفكار لتجديدها و ضمان سلامة المرجع لسلوكنا.
ــ الرجوع لمبادئ الدين الإسلامي و الإشارة لسياسة عمر ابن الخطاب لحل المشاكل و إقامة الحدود ، مسائل التآخي، التعاون و السترة.
ــ تجاوز مشكل القصور الجدلي و الانفعال و الانزواء إلى الذاتية.
ــ  تحمل المسؤولية و الالتزام تجاه النفس، الآخر، المجتمع و الوطن بالثبات على السلوك السليم المتوخى و المنبثق عن نضج فكري يعتبر بمثابة القاعدة.
ــ التفكير والتأني في حل المشاكل لبلورة حل عادل.
ــ أول الحلول حسب رأي متدخلة هو تجاوز مفردة السكزوفرينية لأنها مرض نفسي يظل منحصرا بمجال الطب النفسي، والذي توصف حالته في صور مختلفة: الانطواء، التحدث مع النفس بصوت مرتفع، الخجل، الانعزال .....، وتضيف إلى أن الاستيلاب هو المصطلح الأقرب للحالة المجتمعية التي نوقشت، والتي يتولد عنها جيل قابل للانكسار بسبب أسسه الفكرية الهشة.
ـــ عدم تضخيم المشاكل الحاصلة لكي لا تعطاها هذه تلك الصورة الوهمية الخطيرة، بل تبسيطها لأجل تجاوزها بسهولة دون تعقيدها.
ــ تحري اقتناص الأفكار عن الفلسفات الغربية خصوصا اليونانية القديمة وحل مشكل الترجمة الذي غاليا ما يوصل المعنى ناقصا أو محرفا.
ــ العودة إلى حل أزمة الأخلاق التي تعتبر اساس تلك المشاكل.
بهذه الحلول تم اختتام اللقاء حيث ضرب له موعد اخر في الأسبوع القادم باقتراح من الحاضرين للأشكالية التالية كمواضيع أخرى تستدعي النقاش:
هل الغريزة  أحد أسباب الإنقسام ؟
إبدأ بنفسك ، كيف؟
الفضيلة والمجتمع؟
صناعة الإنسان، الكيفية و البعد الزمني؟







  

الخميس، 11 أبريل 2013

نوع المثقف ... سوق الافكار

هو يوم الخميس مجددا، وكما اعتاد الجميع عند سعيدة مولات المسمن يحلو اللقاء والنقاش وتعرض الافكار للبيع وتشترى اخرى، وهانحن على موعد مع الاجابة على اخر سؤال طرح الخميس الماضي مانوع المتقف الذي نحتاجه لننهض بالمغرب ؟.

لتنطلق الاجابات والاراء الشخصية المختلفة والتي تبني تصور كل شخص على حدى، فهناك من يخلص ان المتقف الذي نحتاجه هوالمتقف العضوي لا غير اي الفاعل وقد سبق الاشارة له في المرة السابقة، وهنا من يضع صفاتا معنية لذلك. 
فما هي صفات المتقف لدي البعض؟ 
- المتقف من لديه رؤية  وقضية ويبحت عن حلول لها ليغنيها. .
- المتقف من يحاول الوصول انتاج فكري او فني يوعي به الشعب شرط ان يكون مسايرا لزمنهم وجيلهم.
- هناك من يرى الاتنين معا اي تحليل الوضع وايجاد حلول مسايرة لفكر الشعب 
- بينما يعبر اخر بان المتقف اولا وجب ان يكون  قارئا بامتياز اي على الاقل يقرأ ٤كتب في الشهر 
و تانيا ان يترجم ما يقرأه لانتاج فكري او عملي اي معنوي او مادي 
بينما من لن نحتاج له هو متقف يقرأ ولا ينتج او  ينتج الافكار السلبيه والانتقادات الفارغة المتخلفة التي تؤتر سلبا على المجتمع.

لذا فمادام الجميع يتفق نوعيا على نوع المتقف الذي نحتاجه،
 فكيف نصل بالمواطن اذن او بالشخص المغربي طفلا شابا او ايا كان الى متقف عضوي او الى المتقف الذي نحتاجه فعلا.؟
 
يرى احدهم بوجوب ايصال هاته الافكار لجمعيات معينة تهتم بصناعة هؤلاء الاشخاص او التحسيس باهمية بناء متقفين عضويين، فكما يوجد جمعيات للتحسيس بامراض معينة كالسرطان متلا وكما يوجد اهتمام بقضايا معينة فلنجعل الاهتمام يصب ايضا على قضية المتقف.
دون ان ننسى ان الفاعل الجمعوي ككونه شخص لا يعني ان يكون مواطنا صالحا بالمقابل قد نجد العكس اي مواطن صالح وليس فاعلا جمعويا، فالثيم هي التي تحكم الفرد وتبرز مدى كونيته.

يضيف اخر لما لا نركز على الطفل، فنبني منه شخصا متقف، ونعوده من الصغر على القراءة ونحببها له متلا قصص قصيرة مصورة وما الى ذلك لغرس حب القراءة لديه، ونخلق له فضاءات تساعده على ذلك، فالطفل يولد على الفطرة، لذا فهو يولد على حب الاستطلاع، فلا نقمعه بل نشجعه ونستغل هاته الفطرة لديه، فمتال الطفل الذي يجد وسطا يعوده على القراءة والاستطلاع، يستطيع ان يكون فكره الخاص مقارنة بطفل كبر في وسط مبني على القمع والمسلمات والاجوبة الجاهزة.
لذا لانتاج شخص متقف وجب توفير بيئة متقفة يكبر من خلالها.

انتاج متقف؟ او صناعة متقف؟ هل نطمح مستقبلا ان ننتج متقفين بشروط معينة ان نصنع جيلا متقفا؟ هل نستطيع ان نصنعه اصلا؟ وكيف السبيل لذلك ؟

نعم نستطيع، بل لقد سبق ونجحت دول معينة في صناعة المواطن الذي تريده، متلا كوريا الشمالية استطاعت بنظامها صناعة تقافة موحدة لشعب بأكمله، فوظفت كل الوسائل لذلك، فعلى التلفاز لا تعرض الا القنوات الكورية والبرامج الكورية، والانترنت لا يستعمل الا في التواصل مع الكوريين بينهم لا غير، ويمنع السفر خارج كوريا، ولا يعتمدون على السياحة، بل لايزور كوريا الا القليل المصفى من السياح ويمنع منعا كليا السماح لهم بمخاطبة المواطن او التواصل معه، فتجد الشعب كله يمجد شخصا واحد .... اي صنعوه لكي لا يتور على وضعه. .. شاهد الفيديو لتعرف اكتر.
ومتلا الاعلام ايضا أنجع وسيلة لصناعة تقافة معينة، فمتلا لو أبدلنا مسرح الجريمة ، تحقيق ، مداولة، قصة الناس الخيط الابيض... ببرامج تقافية ادبية معينة، لوجدت الشعب كله ايضا عوض التحدت عن تلك البرامج الاولى سيتحدت عن التقافة، وهكدا انتجنا شعبا دو تقافة معينة.
اذن فهل نحن فعلا نود صناعة شعب دو تقافة موحدة، فنصدر افكارنا ونغرسها في عقول هؤلاء المواطنين، لننتج أشخاص نسخا عن بعضهم يرون نفس رؤية الافكار التي نريدها لهم؟ هل فعلا هذا هو المتقف الذي نحتاج له؟ 

الاجابة لا، انا نريد ان ندع هذا الفرد يصنع تقافته الذاتية بنفسه، فنشكل شعبا بأكمله يتبنى الافكار التي يريد ويتقف نفسه بالطريقة التي يريد، شعبا يستخدم عقله ويرى الاصوب له ويميز الصح من الغلط، وينتج لنا فكرا مستقلا به.

فكيف السبيل لذلك اذن ؟
ندعه ينهل من كل الكتب وكل الافكار المطروحة امامه، ويختار توجه بنفسه وتقافته بنفسه، اي نترك له كامل الحرية ليقرأ مايريد.

فهل الامر ينطبق على الطفل ايضا؟ هل أترك لابن 6 او 7 سنوات ان ينهل م اي الكتب التي أمامها، ألن يتوه؟ أن ينحرف عن المسار؟ ألن يتأتر بتلك الافكار سلبا؟ اذن فهل اوجهه واختار له مايناسب عقله وسنه؟ ألن اكون هكذا قد اخترت له نوعية التقافة التي أريد له ان يكتسبها؟ ألن اكون بهذا قد صنعت نسخة عن فكري متلا وعن ماراه صحا وما اراه خطأ؟ 

كل هاته الاسئلة، تراكمت واحدة تلو الاخرى، في محاولة ايجاد حل لها، بين تلك الوجوه الحائرة بين حدين كلاهما مر، فكيف السبيل لهاته الاشكالية؟
بعد برهة من التفكير والحيرة، ينطق اخيرا صوت يخرج تلك العقول المنهكة بالبحت عن حل، '' نلقنه المبادئ والاساس اي القيم الانسانية الكبرى التي لن  يختلف عليها اتنان، كالصدق والاخلاص .... ''
،يضيف اخر او نضع له مرجعا يعود له، كشخصية عالمية متلا  كمحمد عليه الصلاة والسلام، فنخبره بصفاتها وكيف ان العالم بأسره اعترف بحكمته ومنهجه، فنوضح له بعقلانية كل ما نريد توصيله له، وندع له الحق في مناقشة اي فكرة وابداء رأيه فيها، فنتحاور معه على اساس ان ما اقوله قابل ليكون خاطئ... الى حين يستطيع استخدام عقله لانتاج فكره الخاص يجد نفسه ان ما تعلمه او ما تلقاه لم يكن عن طريق العادة بل عن طريق العقل والاقتناع. 
ويؤكد اخر على عدم تزويده بالمسلمات والاجوبة الجاهزة التي لا تقبل النقاش، بل اربيه على ان كل شيء يناقش لحين نصل الى الرأي الصواب، وكل تلك الامور التي تأتي من بعد هذا لها علاقة بالاستسلام لمدى ايماني بتلك الاشياء التي اقتنعت بها وتبنيتها.

حسنا ربما قد وجدنا بعض الحلول لصناعة المتقف من المهد اي وهو طفل.

 فماذا عن صناعة متقف شاب؟ لديه أفكاره وقناعاته وأسسه التي قد تكون غير تابته في نظره ايضا؟ 

ربما الجزء البسيط الذي يمكن المساعدة فيه، هو التوعية عبر الانترنت، او عبر العمل الجمعوي، فمتلا سوق الافكرا هو نمودج مصغر لنشر التقافة، لكوننها لا تفرض رأيا او فكرا بل تسعى لخلق تقافات فردية لا غير المهم ان نكون متقفين على القيم الانسانية الكبرى.

هنا يضيف صوت اخر، بأننا لازلنا نعاني من ضغط الاباء لفرض تقافة معينة، وذلك بالتحذير من قراءة كتب معينة لاشخاص معينين او يصل الامر للمنع ايضا،خوفا من الانحراف او من التأتر بالافكار الغربية وما الى ذلك، بل اننا نعاني حاليا من مشكل الالحاد في العالم العربي، وربما الامر متعلق بمنع الانفتاح على التقافات الاخرى وكل ممنوع مرغوب.
لذا وجب اولا معالجة المسلمات، واكتساب تلك المعارف عن طريق الاقتناع بها وليس من باب الوراتة او العادة فحسب.

يضيف اخر ان تقافتنا المغربية متمركزة على ذاتها، وعلى عادتها ودينها، وترفض الانفتاح على التقافات الاخرى، بل تحاول فقط فرض تقافتها على الاخر فحسب، لذا الحل في نظره، هو النقد الذاتي، فنتخلص من القاء اللوم على الاخر، وذلك عن طريق اكتساب مفهوم التسامح بمعناه تفهم الاخر، بل ان المسألة اكتر عمقا وتخوصصا، حيت نجد ان المشكل يطرح بين الافراد والازواج ايضا ويؤدي الى التفكك الاسري  والطلاق وما الى ذلك، وكل ما ذكر سابقا يتعلم ويكتسب بالخبرة والتعود.

مشكل الطلاق؟ يضيف اخر، مؤخرا ماليزيا وجدت حلا لهذا المشكل، وذلك بالزام المتزوجين بدورات عن الزواج تؤهلهم لاخد شهادة في ذلك، وفعلا تم تطبيق الامر، ولقي نجاحا ملحوظا بحيت ان نسبة الطلاق قد انخفضت وكذا تمت تفادي مشاكل التفكك الاسري، والطفل المنحرف بسبب هذا الطلاق، والعطاء العملي لدى الزوج متلا، فتحسن الاقتصاد ايضا. وهنا ايجاد حل واحد فحسب لمشكل واحد ترتبت عنه نتائج ايجابية معينة. لذا فهم انشؤوا تقافتهم الخاصة ووصلو لحل خاص بهم ايضا. 

وهنا يرى اخر اننا نعاني اصلا من تقبل ايجابيات الدول الاخرى، رغم ان الحضارة العربية بنبت على افكار ايجابية للحضارة الفارسية واليمنية متلا، فطورتها وتجاوزتها لما هو افضل. 
لذا وجب الاخد بالموجود لصناعة الغير الموجود، وعلى الفرد تقبل التبعية الايجابية، فمتلا نحن حاليا نستخدم منتوجات اجنبية لنشر افكار خاصة بنا واحلام مستقبلية تخولنا لانتاج مستقبلا منتوجات خاصة بنا.

بل اننا نجد انفسنا متعصبين للدين متلا، فنرفض ان نناقش فيه شيئا، وذلك لاننا ورتنا هذا الدين من ابائنا لا غير، ولا نعرف عنه في الاصل الا القشور مما لقن لنا، فلو اننا ربينا على قناعات اساسية وقيم انسانية كبرى واساس متين، فلن نخاف من الانفتاح على الاخر. 

لذا يجب ان نتجاوز الخوف من الافكار الى مناقشتها، بل واكتر الى صناعة الافكار الشخصية، 
وهنا نعود للاشكالية الاساسية، وهي كيف نستطيع ان نوصل الشباب  لصناعة هاته الافكار الشخصية.

أولا لننشر هاته الافكار، لنحدت فوضى الافكار، شرط معرفة انتقاء الافكار الصحيحة، لنستغل الاعلام والوسائل التكنولوجية كالانترنت بما فيها الفايسبوك ، يوتيوب ، المدونات، لننشر هذا الفكر لندع هذا الفرد يختار من كل هاته الكمية الكبيرة ما يناسبه وما يشكل تقافته الشخصية فحسب.
فمتلا بوزبال، انا حمار وبخير .... وما الى ذلك، لا يتوانون على نشر افكارهم وان كانت تافهة، اذن فلما لا ننشر نحن ايضا، ونوجه الشعب لهذا المنظور وندعه يختار ما يريد وقتها.

بينما يرى اخر، انه قبل ان ننشر يجب ان نحدد من نحن، ما مفاهيمنا وقناعتنا، ما توجهنا، يجب ان نتفق على المفاهيم اولا وننرسخها لنعمل في تجمع معين.
هنا يضيف اخر، انه في منظوره الشخصي، هو لايحتاج للاجابة على كل هاته الاسئلة، ولا يحتاج للتجمع لينطلق، يكفيه ان كل صاحب فكرة ان ينشرها ويدلي بها ويوصلها بالطريقة التي يريد والتي يتقنها، فهناك من سيكتب وهناك من سيصور وهناك من سيخرج افلام او رسوم او ما الى ذلك، لكن في الاخير كل لديه طريقته للوصول الى الهدف الاسمى وهو نشر الافكار الايجابية.

ويرى اخر ان اكتر المشاكل التي نقع فيها اننا نحكم العاطفة اكثر اي القلب، بينما يجب مساواة السلط بين القلب والعقل، فنميل لافكار الاقربون منا كابائنا وغيرهم، ونسكت العقل، لذا على الشباب بكونهم حاليا الاكثر تأتير ومرونة في تقبل الرأي الاخر، ان يتخلصو من الاتباع القلبي بكونه اكبر معيق على الانفتاح الايجابي.

وهناك من يرى ان اكبر مشكل يعاني منه هذا الجيل، هو التعليم والفراغ الفكري. لذا وجب ايجاد حلول لهذين المشكلين، ووجب ايجاد طرق اخرى للتعلم والتأتير والتوصيل وخاصة في المراهقين.

اذن التعليم هو المشكل المطروح حاليا، فما المشاكل التي يعاني منها ؟

 هناك من يرى ان اكبر مشكل في التعليم تلقينه للافكار الجاهزة او ما يسمى بالحشو وربما الفايسبوك مليئ بالكاريكاتير المعبر عن هاته المهزلة. وهنا يطرح نمودج لعالم ياباني '' ميتشو كاكو '' في طريقة تعامله مع ابنته والتعليم، لندعكم ونحن لنكتشف هذا النمودج وننهل مما وصل اليه.

بينما يرى اخر ان مشكل التعليم ينحصر بالاساس في المعلم، ويسرد نمادج معلمين لا يملكون لا متسوى تقافي ولا اخلاقي لتلقينه لهؤلاء التلاميذ، لذا وجب اعادة النظر في المنظومة التربوية كلها.

ويرى اخر ان هذا المشكل مقصود، فالتعليم تعرض للافرغ من المضمون، وتجهيل الشعب، لذا لا لوم على الاساتذة طالما هم ايضا ضحاياه، فمتلا التورة لن تنهض دون تتقيف.

بينما يرى رأي اخر انه لا يحبذ ان يناقش مواضيع هو ليس قويا فيها او صاحب القرار، وليس بيده حل لها فالاخر هو الذي يحرك زمام الامور في كل ما يرجع له، الامر الذي يصيبه بالاحباط وبالتالي عدم فعل شيء، بل انه يرى انا يجب صناعة افكار نقيضة لما يتم زرعه فينا وعدم مناقشة هاته الافكار.

ويرى اخر ان التطرق لهاته المشاكل، يزيد الطين بلة فحسب،  ويشعرنا بالعجز عن التغيير لا غير، لذ ا من الافضل تجاوز هاته المناقشة.
بينما يرى اخر عن مناقشة المشكل هو نصف الحل، وان الاستفادة من أراء الاساتذة المتواجدين في المجمع يغني الحديث ايضا.

في حين يرى اخر ان التعليم لم يعد الكل في الكل، بل ان اي تعليم نظامي لم يعد هو المؤتر الاساس في تربية هذا الجيل، لذا ان أردنا التغيير او الحت على بناء تقافة شخصية لدى الفرد، فعلينا تجاوز التعليم لوسائل اخرى اكثر تأتيرا، كالانترنت وما حملته معها.

وان تجاوزنا لمجال التعليم ما هو الا تجاوز لمجالات نملك فيها الفرصة والحيز الاكبر للتأتير والتغيير، فحتى لو أردنا التحكم في التعليم ولو ايجابا من وجهة نظرنا لن نغدو الى مستبدين من نوع اخر وبطريقة اخرى لا غير.

لذا فأفضل من هذا هو استغلال التكنولوجيا لتوصيل الفكر الايجابي، فمتلا حاليا صرنا نرى طلابا يخرجون في مظاهرات لاسقاط مدير ما، فهم بالتأكيد لم يلقنو ذلك في المدارس بل عبر الوسائل الاخرى.

لذا هي دعوة، دعونا ننشئ افكارا نساعد بها الافراد على اختيار الافضل بالنسبة لهم، دعونا نتيح لهم فرصة اختيار تقافتهم، ولننشر افكارنا الايجابية بكل الوسائل المتاحة . 

وبهذا انتهى اللقاء، وبما انه يوم عطلة فالمقاعد لازالت ممتلئة بأصحابها، لذا قررنا تقديم مقترحات للمناقشة في الخميس المقبل، وبعد تفاوض، قررنا ان يكون عنوان اللقاء القادم : '' السكيزوفرينية في المجتمع المغربي''
 

.







الخميس، 4 أبريل 2013

من هو المثقف ؟ ـ لقاء يوم الخميس 4 أبريل 2013

من هو المثقف ؟
.. هكذا انطلق اللقاء الذي ينعقد كل خميس عند سعيدة مولات المسمن، من حيث انتهى اللقاء السابق  ل'' سوق الافكار'' لينهال الجميع بعرض سلعهم واقتناء اخرى، يتسامرون بها على كأس شاي والمسمن. 



من هو المثقف ؟ .. أو ماهي المعايير التي يحدد بها المثقف ؟ ..
هناك من يرى ان المثقف هو الذي يقبل رأي الاخر ولو معارضا له ولا يستهلكه ..  وهناك من يجد ان المثقف عضوي بمعنى فاعل، يستطيع ان يحرك شيئا في هذا المجتمع، فحتى الكاتب او الشاعر لا يمكن ان يكون مثقفا ان لم يكن فاعلا  .. بينما هناك من يرى بأن المستوى الفكري للشخص ومجاله هما المعايير الاساسية لتقييم شخص اخر على أنه مثقف، فطالما ارتفع مستوى تفكير هذا الاخير كلما بدى مثقفا لادنى مستوى فكري منه، وهكذا...
في حين يتفق الاغلبية على ان المثقف هو الذي يعرف كل شيئ عن شيء، وشيء عن كل شيء. 

اذن ففكرة ان الثقافة مرتبطة بالادب هي خاطئة ؟ ، يتساءل احدهم.  
يحيلنا هذا السؤال تلقائيا للتفريق بين ثلاثة أسماء: عالم، خبير ومثقف، فالعالِم هو من يخترع ويضع نظريات وينتج افكارا جديدة تتحول الى الات تسهل للانسان حياته ، بينما الخبير هو من يستهلك تلك النظريات والافكار لكن بخبرة متمرسة، بينما المثقف مرتبط بالفكر،والفكر مرتبط بالادب أكثر. 

اذن مادامت الثقافة مرتبطة بالادب ، فما حاجة المجتمع لهذا المثقف؟..
لا احد ينكر ان المثقف ينهض بنفسه اولا، تم أسرته وبالتالي مجتمعه، اذن الحاجة تكمن في النهضة، وفي التقدم والتي لن تكون الا بنهضة فكرية اولا .. وحاجة المجتمع للمثقف كحاجة الجسد للعقل. 
ليأخدنا الحديث الى كيفية ترجمة هذا الفكر الى سلوك، هذا الاخير المرتبط باللاوعي، لنتوه قليلا وسط تلك التفاصيل المعمقة، ننهل فيها من كتب الفلسفة لابن رشد وغيره. 

''ابن رشد'' عربي، مغربي ؟؟ هو اندلسي ، والاندلس والمغرب كمن يتحدث عن بلد واحد ..

 فهل نملك مثقفين مغاربة نستطيع ان ننهل من فكرهم أيضا؟ ..

 هل نعرفهم -ان وجدوا اصلا -؟ ..
ولماذا نتهافت على أفكار  مثقفين عرب جزائريين، مصريين عراقيين وسوريين، بل اننا نتربى على أيديهم حتى ولا نلتفت لمثقفينا المغاربة ؟

يأخد منا السؤال بضع ثوان لنستوعب هول ما نحن فيه ..
 أحقا لا نملك مثقفين ؟
 بلى لكنهم أقلية، واغلبهم ينتصرون لقضية معينة او للانتماء القومي، بل ان حالة الانقسام الذي يعيشها المغربي، يحول بينه وبين تحديد اي ثقافة يتبعها، فرنكوفونية، عربية .....الخ، اذن المشكل مشكل هوية مفقودة .. بل اكثر من ذلك ان الامتداد الممارس علينا من قبل الدول الاخرى والرغبة في نهل افكار للمثقفين البارزين في الساحة العربية يؤدي الى تهميش المثقف المغربي ..
فطالما نملك مثقفين فلماذا لا نكتسح الساحة بأفكارنا أيضا ؟ ..
الاعلام يعيق ايصال تلك الاصوات الى الشعب، بل اخطر من هذا ان المواطن المغربي غير متشبت بهويته ووطنيته ولا يؤمن بقدراته على ايصال افكاره .. بل ان ايماننا بأبناء وطننا يكاد يكون منعدما، فنحن كشعب لا نعترف بكفاءة ابنائنا ولا بقدراتهم ، فمصطفى ابو السعد، المهدي المنجرة  وغيرهم كثير، لم نعترف بهم الا بعد اعتراف الدول الاخرى بهم وبقدراتهم .

اذن فهل نستطيع ان نقول ان الشعب المغربي شعب مفكر في صمت، نظرا للضغوطات والقيود التي تحيط به ؟؟ .. نعم يجب ان نؤمن ان الشعب المغربي مفكر كيفما كان ونؤمن به كبداية لتغيير هذا الوضع... دعونا ننظر إلى كل مغربي على انه الافضل على الاقل في أعيننا مثلما ينظر كل ابن بار الى امه على انها الافضل ... 

تم تذكير الجميع :
"حسنا كل منا عرض افكاره حول مفهوم
المثقف ولا أحد هنا يجزم انه يملك الحقيقة ، بل هي سوق للافكار ، خذ منها ما شئت واترك ماشئت . ولا ننتقد افكار بعضنا بل نعرض اراءنا فان لم تعجبنا فكرة سارعنا الى عرض بديلة لها تنتقدها لكن دون التعرض لصاحبها . هي هذه شروط  سوق الافكار"
تطرقنا لمفهوم المثقف وحاجة المجتمع إليه، وكينونة المثقف المغربي،
 فمادوره في المجتمع اذن ؟ ومامهمته لينهض بهذا الوطن؟ وماذا يفعل ؟.. ان دور هذا المثقف هو تحليل الواقع ونقده مع ابراز دفعة امل للنهوض به، هنا يحيلنا الحوار تلقائيا لبعض المفكرين العرب، الذين انتقدو الواقع بنظرة سلبية وتوقفوا عند ذلك، فكان مصيره كطفل صغير أريته عيوبه وانتقدته بما يكفي وزيادة، وتركته معتقدا بفشله وباستحالة تغيير واقعه، وعلى الضفة الاخرى كجبران خليل جبران مثلا هناك مفكرون انتقدوا وبثوا الامل في التغيير ايضا، لان الاصل هو الفكرة، والفكرة يجب ان تكون ايجابية لتؤثر ايجابا ايضا. 

هنا تدخل احد بتلك القولة الشهيرة، '' رحم الله عبدا اهدى الي عيوبي'' فإن انتقاد الوضع ليس عيبا في حد ذاته، بل ربما وجب ذلك. 
شرط ان على هذا الشعب ( المغربي) ان يتقبل النقد، ويبحث عن حلول له ولا يرى فيه تحقيرا منه او نقصان من رأيه، بينما يرى اخر، ان النقد في حد ذاته هو التخلص من الافكار النمطية، وهنا تطرح  فكرة اخرى ألا وهي  التربية و حب الاستطلاع لدى الطفل، فتعليم الاطفال المبادئ الاساسية وفتح المجال امامهم للنهل من كل طرف، الى ان ينتجو فكرهم الخاص،يستوجب بالضرورة وجود اباء مثقفين منفتحين فكريا. 
ومن جهة اخرى هناك من يرى  ان قراءة كتاب، او النهل من فكر معين يستوجب نقدا له، فيآخد ايجابياته ويتجاوز عن هفواته. 

هل غيرنا دفة الحوار لنتحدث عن النقد ؟ ..
 اذن ماهو النقد البناء أولا؟ وكيف أستطيع ان انتقد الغير انتقادا غير هدام؟  وكيف أميز بين هذا وذاك؟


كل هاته التساؤلات تطرح تلقائيا كمن يحاول ان يستوعب الامر من جذوره. 
حسنا.. النقد هو تقييم عطاء الشخص وتحديد ايجابياته وسلبياته .. لا .. بل ان النقد يخضع لشروط أساسية كأن يكون الناقد على دراية شاملة بنفس التخصص الذي ينتقدني فيه، ... ربما النقد الهدام هو التجريح، بينما النقد البناء هو وضع اليد على الجرح محاولا لفت انتباه الشخص عليها فحسب ... بل ان افضل طريقة للنقد هو عرض الفكرة المقابلة لها فحسب. 
ينطق صوت اخر، اننا اصلا لانحتاج للنقد حاليا، لان النقد ما هوالا رد فعل فحسب، بل اننا نحتاج للفعل، لذا ان كنت معارضا لفكرة ما فأبرز قدراتك واعرض فكرتك، فمادام الشعب كله متخلف فلا يحق لاحد ان ينتقد.
بينما يرى اخر ان وجود فكرة ونقدها او فكرة واخرى معارضة لها، هو في حد ذاته أمر ايجابي، فهو يخول للشخص العادي التفريق بين الصح والغلط، ويضعه في مواجهة بين فكرتين متعارضتين، فيأخد ما يراه صحيحا في نظره، لذا فالشعب بحاجة الى كل هاته العناصر المتنوعة: الناقد وصاحب الفكرة ومن يجد البديل ايضا. 

 السؤال الذي يطرح نفسه الان،  كيف نواجه شخصا ينتقد من اجل النقد فحسب؟ 
هناك اراء مختلفة هنا :
أولا  الاعراض عنه
ثانيا الرد بهدف ايصال طريقة النقد الصحيحة. 
ثالثا اجيب فحسب الشخص المحايد فكريا، اي لا ينتمي لمجموعة ومتعصب لها، بينما اعرض عن نقيضه.
بينما يرى اخر انه من الصعب التمييز بين المحايد والمتعصب لمجموعة ما.. فلحين يستطيع ذلك فليكتفي بالحلول السابقة ... بل هناك من يرى بضرورة الرد على المعارف الشخصية بحجة القدرة على تحديد مجال للتفاهم، بينما يعرض عن الباقي، ويبقى الامر نسبيا على حسب العوامل المتدخلة في الحدث. 

نستدرك الوقت فجأة، ملتفتين لتلك الطاولات التي خلت من اطباق المسمن وكؤوس الشاي، وتلك الكراسي الفارغة، والى المتسولين التي بدأت تعج بهم تلك المنطقة، يبدو اننا بحاجة الى نهضة فعلا. 
حسنا.. انها التاسعة ليلا، وقد اتفق الجميع على رأي قد يكون صالحا لهذا الوقت :  مادمت لا تستطيع أن تأتي بأفضل ما لدي فلتزم الصمت.
لذا أيها المارون من هنا،  لا تكونو جزءا من مجتمع ناقد فقط و أنت لا تحرك ساكنا، ولا تغير اي شيء، مجتمع يحترف الكلام فحسب.

ومع كل تلك الكمية من الافكار والتساؤلات التي لازال يعج بها اللقاء، يسدل الستار لهذا اليوم، في لقاء اسبوعي اخر، لنجيب معا عن اخر سؤال طرح هذا اليوم،
 ما نوع المثقف الذي نحتاجه لننهض بالمغرب؟ .