الخميس، 20 يونيو 2013

سؤال و أفكار و حوار



سوق الأفكار بات موعدا أسبوعيا  قارا لشباب مراكشيين  يهتمون بالحوار الفكري الهادف، يترددون على هذا اللقاء لإبداء أرائهم وللتعبير عن مواقفهم المختلفة.

هناك لبس ما ! سؤال؟ إشكالية معقدة؟ تكون بوابة الحوار والدخول لموضوع واسع و عريض، هذه المرة كانت البوابة امتحانات البكالوريا، وأخيرا التحقت نهيلة بالمجلس بعد أن أنهت امتحاناتها، سألها الأصدقاء عن مستوى الامتحان، وغالبا ما يكون المزاح حاضرا و يتكرر السؤال الشهير عن كل امتحان: هل نقت؟ يعني هل التجأت إلى الغش؟

هذا السؤال لا يجب أن يطرح على أمثال نهيلة، بل على ممارسي الغش، وأن يسألوا عن الدافع إلى ذلك؟ هل هو خيار نتيجة نظام تعليمي فاشل؟ أم سلوك لا أخلاقي له خلفيات و تراكمات سيكولوجية؟ والأخطر من ذلك هو تناقل الأخبار عن ظاهرة الانتحار الذي أذيع أحد مشاهدتها الحقيقية بعد أن انتحرت فتاة من عمر نهيلة تقريبا بسبب الإمتحان، ذكر هذه الظاهرة دفع أحد الأصدقاء لتفسيرها علميا حيث يؤكد أن آخر الدراسات لعلم الجينات تبين أنها هي المسئول الأول عن تصرفات الإنسان، حسب ريتشارد دوكنز.

الطرح لقي تعقيبا من رأي يقول : قد تتحكم في طبيعة الشخصية، مرنة ، صلبة....و برر ذلك باستدلاله التالي،إن كانت الجينات الطبيعية ( المخلوقة) هي المسئول يعني نحن لسنا مسئولون عن تصرفاتنا وبالتالي نحن مسيرون( كأنه يرمي بقوله: هل سنحاسب على ما ليس بأيدينا تغييره؟) و واصل قائلا: لم يثبت إيماني بالقدر بعد، مازال عندي ريب في هذا السياق، يشير إلى الطبيعة البيولوجية.

السؤال يحيلنا على أسئلة أخرى تتعلق بالإله، الوجود، سيرورة الحياة و حركة الكون.

ربما بالنسبة لمجتمع الحشرات ذلك الإنسان هو الإله؟ رغم أننا نجهل وسيلة التفاعل أو الإدراك لدى الحشرات كما نجهل اللغة؟ بالنسبة لنا أو لبعضنا  نحن البشر الله واحد، لا خالق له، في القديم كان في اعتقاد بعض الأقوام أن  لكل ظاهرة طبيعية اله يعتقدون بوجوده تبريرا  لحدوث الظاهرة: إله البرق ، المطر ....! اكتشفنا بعد ذلك كله أنها مجرد ظواهر طبيعية لها تفسير علمي .

الوجود أصله لا شيئ ، طاقة + مادة اعطت هذا الكون يعني  طاقتين:موجب+ و سالب _   تعطي هذه النتيجة ، استيفن هوكينج  يقول أن الزمن مثلا ظهر مع الإنفجار، وهل سيستمر بعد؟ في القران قول الله "  كن فيكون"

قصص القرآن غريب بعض الشيئ لكن من المحتمل سبق وأن نوقشت، قصص الأنبياء مثلا إلا أن كل حضارة أصلها الإنسان ويتم تزوير حقائقها على أن تصير خرافة أو أسطورة؟ يعني يسهل التأليف ؟

لا أصدق من يكذب القرآن فيأت بمثله! لقد كنت ملحدا وأخذت القرآن وقرأت: " ألتيني و الزيتون.....أليس الله بأجكم الحاكمين" وقلت في نفسي: ماذا يقول هذا؟ هذا لم يقل شيئا ويقول أنه أحكم الحاكمين! لكن إن قرأنا القرآن بتدبر و تأمل سنجد في أمور تعجيزية عظيمة، شرط أن نكون محايدين، لا نستخدم العاطفة بل العقل بغية المعرفة.وع ذلك لازلت لا أومن بالتداوي بالقرآن مثلا لبعض الأمراض.


فيه شفاء للصدور؟


يقول للصدور وليس مسألة التباس الجن بالإنس مثلا، و التي لا أصدقها من الأساس.


رغم كل ما أقوله هذا لا يعني أنني أنكر ذلك الخشوع الذي نشعر به عندما نقرأ القرآن ، جربت الخروج لصلاة الصبح ، إحساس رائع و طمأنينة كبيرة أشعر بها.


طبيعية لأن برمجت نفسك على أن تشعر بذلك؟  لا لا بل هي الحقيقة، أما ما قلت عنه فيرتبط بالجانب النفسي المبرمج سابقا، كالتي تقول مثلا: إن زارت الولي الصالح فلان ستعالج؟ وبالفعل يحدث ذلك، لكنه مجرد توهم فقط، جعل الخرافة أمرا حقيقيا.


لنعود إلى مسألة الجن، الإخوة الذين قالوا إن التباسه بجسد الإنسان قد يكون أمرا حقيقيا، في إقليم التبث مثلا أظهر شريط مصور أن رجلا يستطيع تغيير صوته من خلال عملية تركيز مطولة.


صوته وليس اللغة، بعض اللواتي لبسهن الجن يتحدثن لغات كن يجهلنها تماما!


ومؤخرا تم اكتشاف أن امرأة سقطت وأصيبت في دماغها بأستراليا و اكتشفت بعد الحادثة انها تتحدث الفرنسية وهي لم تدرسها قط ! إذن الظاهرة علمية وقد يكون لها تفسير علمي!


نعم وهناك تفسير يقول أن كل ما يقوله الإنسان أثناء لا وعي ما هو إلا تراكمات اللاشعور، ونعلم أن قدرة تخزين المعلومات  للوعي أقل بكثير من اللاوعي ، وقد تكون اللغة جزء منها ، أعتقد أنه إذا تم اكتشاف هذه الطاقة الهائلة ل ألاوعي قد تغيير منحى حياتنا ، مذهلة بمجرد التفكير فيها.


محدودية العقل بنظري هي السبب في هذا الإعتقاد القائل بالتباس الجن بالإنسان لإن العقل لم يتوصل بعد لتفسير علمي للظاهرة لجأ إلى هذه المسلمة و هي بمثابة مسكنات ، نعم  مجرد مسكنات فقط.


اختراع الحاسوب مثلا قيل عنه أنه لا يصلح لشيء والسبب لقلة المعطيات، مر زمن وتطور الحاسوب وأصبح وسيلة معلوماتية لا نستطيع الاستغناء عنها.


لنضع احتمالات علمية للظاهرة ، هل نستطيع أن نضع ثوبا على جسم ما فيختفي فجأة؟


هل يظهر جسم في مكان ويختفي في سرعة كبيرة جدا ليظهر بمكان آخر؟


تحيلني على خدع  كريس أنجل ومسالة تحويل الأجسام من مكان لاخر


إذا تطرقنا لمسألة الروح، علم البيولوجيا لم يتوصل لها لحد الآن ، هو مبني على التطور الذي يفنذها.


بمثل هذه المقاطع انتقل الحوار ليغوص في علم الفزياء من الكلاسيكية المبنية على قانون نيوتن إلى الكوانتوم و النسبية، التي أسقطت تلك القوانين التقليدية بالمجال الميكروسكوبي و الكهرومغناطيسي، نشير إلى مثالا هنا: لا يمكن تطبيق قانون نيوتن على إلكترون يحتل مواضع عدة في آن واحد.


إذن الظاهرة( التي يطلق عليها التباس الجن بالإنسان) لا يمكن تفسيرها بالقانون الحالي، لا بد من اكتشاف أسرار تلك الظواهر.


إذا لاحظتم أن الأدوات المنطقية الرياضية صحيحة ، متسلسلة و مترابطة، وكأن الله نكتشف الجن وظاهرة التباسه بالإنسان  بطريقة علمية ما.


حسنا رفاق ألا يذكرنا هذا بإسراء الرسول(ص) إلى المسجد الأقصى  ومعراجه إلى السماء؟


بما أنها صحيحة وانظروا حتى أكبر مصدقيه  أبو بكر صدقها بالشرط أن يكون محمد قائلها" إن كان قال فقد صدق" يعني هناك شك لولا أن محمد رجل صادق، لكن إن فسرنا الظاهرة علميا و التفسير ينطبق على ظواهر الالتباس.


هنا تختلف الأمور لا تنسى أنه في إسراء محمد (ص) وسيلة سخرها الله وهي البراق!


قبل أن نختتم الحوار أود أن أعرج على مراحل الفيزياء لو سمحتم.


كان يعتقد أن قوانين نيوتن كافية لكن مجيء الكوانتوم مع بلانك غير الكثير من الأمور، ثم معادلات  شرودنجر و هايزنبيرج ، إذن عند التوقف عند كل محطة من تاريخ هذا العلم يعتقد المرء أنه بلغ الحقيقة وأن ما اكتشف ينطبق على المادة كلها، لكن اكتشاف المجال الكهرومغناطيسي، و الميكروسكوبي والماكروسكوبي الكوني فند هذا الاعتقاد بحيث لم يعد يصح بالمرة تطبيق قانون واحد عليها، و كذلك بالنسبة لعالم الإنسان...


الحوار لم يختتم في الساعتين المحددتين بل استمر طويلا حتى أنه يصعب التطرق لكل الأفكار التي المطروحة خاصة الأفكار الغريبة التي لا نجد لها تفسيرا... ويستمر البحث ويستمر الحوار حتى يتسع سوق الأفكار.


في الختام المعادلات العلمية دائما قابلة للتغيير و التجديد وكذلك أفكارنا، قناعاتنا و مواقفنا ، قد تكتشف أمور أخرى تغييرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق